رغم أن الاقتصاد الصيني يسجل نموا هذا العام، لكن الكثير من رواد الأعمال يعانون من الركود، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
ولم يدخل الاقتصاد الصيني فيما يُصنف عادة على أنه ركود، وهو ما يُعرف بتسجيل انكماش لربعين متتالين من العام. ويتوقع أن يسجل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، نموا بنسبة 7 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، وفقا لتوقعات الاقتصاديين الذين استطلعت رأيهم الصحيفة الأميركية.
ومع ذلك، لا يعكس هذا الرقم نطاق الألم الاقتصادي في الصين بعد تعرض النمو لضرر كبير بسبب عمليات الإغلاق لمكافحة فيروس كوفيد-19، بما في ذلك عملية إغلاق كبير في شنغهاي خلال شهر أبريل.
ولاحقا، تراجع سوق العقارات في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، بالإضافة إلى حملة تنظيمية صارمة أجرتها السلطات على شركات التكنولوجيا الكبرى في البلاد، مما أدى لاقتصاد "متدهور" الآن وفقا للعديد من المقاييس.
وقال أحد رواد الأعمال الذين قابلتهم صحيفة "وول ستريت جورنال" إن إحدى شركاته - وهي موزع لشاشات مسطحة "إل إي دي" مقرها في شينزين - تعاني من خسائر متزايدة مع نضوب الطلبات الخارجية، مما دفعه إلى خفض الأسعار للتنافس مع العملاء المحليين.
وبعد تسريح أكثر من 50 من أصل 120 موظفا منذ عام 2022، قال التاجر الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته، إنه يفكر فيما إذا كان سيغلق الشركة هذا العام من عدمه.
وتابع أنه "من نواح كثيرة، يبدو أننا عدنا إلى عام 2008 عندما ضربت الأزمة المالية العالمية" الاقتصاد، مردفا: "مثل معظم أصدقائي في العمل، أفقد الثقة في مستقبل الاقتصاد".
وتراجعت الصادرات من المصانع الصينية بأعلى وتيرة سنوية لها الشهر الماضي منذ الأيام الأولى للوباء.
ووصلت بطالة الشباب إلى مستوى قياسي، حيث إن واحدا من كل خمسة عمال تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما بدون وظيفة.
ويزداد قطاع العقارات في الصين، الذي بدا أنه يتعافى أوائل عام 2023، سوء مرة أخرى، مع انخفاض الأسعار في غالبية الأسواق.
وتراجعت مبيعات المنازل من قبل أكبر 100 مطور عقاري بنسبة 28 بالمئة عن العام السابق في يونيو.
"عدم يقين"كما انخفضت استثمارات الشركات الخاصة، التي ظلت لفترة طويلة محركا لخلق الوظائف في الصين، في الأشهر الخمسة الأولى من العام.
وهذه هي المرة الأولى التي يتحول فيها الاستثمار الخاص إلى حالة سلبية في الصين لفترة طويلة منذ عقود، باستثناء معظم عام 2020 عندما ظهر كوفيد-19 لأول مرة.
وقال هونغ بينبين، الذي يدير شركة "شينزين جايويانغ إندوستريل" (Shenzhen Jiaoyang Industrial) التي تعمل في مجال تصنيع وتصدير الألعاب، إن مؤسسته اضطرت إلى إعادة التوجيه نحو البيع الداخلي، حيث تراجعت الطلبات من الولايات المتحدة والدول الأخرى بشكل حاد.
وأضاف هونغ، الذي يعيش في شينزين، أن "الشيء الوحيد الذي يمكن فعله هو خفض الأسعار لكسب العملاء والطلبات. لن أعلق أي أمل على مساعدة الحكومة. آمل فقط أن أتمكن من الصمود خلال هذا العام".
وقال هونغ إنه طلب من صاحب العقار خفض إيجاره هذا الأسبوع، فيما رد المالك بأنه سيفكر في الأمر.
وجادل بعض الاقتصاديين مؤخرا أنه، حتى لو لم تكن الصين في حالة ركود كما هو محدد عادة، فقد تكون فيما يُعرف باسم "ركود الميزانية العمومية".
في هذا السيناريو، تؤدي الديون الثقيلة وانخفاض الثقة بين المستهلكين والشركات إلى وضع الاقتصاد في حالة ضعف النمو وتجعل من الصعب على صانعي السياسات إعادة التنشيط بخفض أسعار الفائدة؛ لأن قلة من الناس يرغبون في الاقتراض.
وقال كبير الاقتصاديين الآسيويين في "كابيتال إيكونوميكس"، مارك ويليامز، "المشكلة الكبرى هي أن الجميع قلقون بشأن المستقبل ولا أحد يرغب في الإنفاق".
وأضاف أن "هناك الكثير من عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد الصيني، بما في ذلك التزام القيادة بالنمو الاقتصادي".