على وقع اختتام اجتماعات اللجنة المشتركة السورية – العراقية في دورتها الـ12 بالعاصمة العراقية بغداد قبل أيام، يجري نقاش عن مدى "ضعف التجارة العراقية السورية"، ومدى تأثرها وانخفاضها على خلاف الدول المجاورة الأخرى للعراق، خصوصا وان العراق وسوريا شريكان تجاريان تاريخيا.
وبينما أكد وزير التجارة العراقي ونظيره السوري، خلال لقائهما قبل أيام في بغداد على "ضرورة زيادة التبادل التجاري بين البلدين"، تشير المعطيات إلى غير ذلك، أولها وجود معلومات عن تدهور التجارة بين البلدين عبر الحدود البرية وانخفاضها بعد الضربات العسكرية الأمريكية حتى أصبحت الحدود بين البلدين غير آمنة للتبادل التجاري.
وتشير البيانات إلى تراجع التبادل التجاري بين العراق وسوريا من 656 مليون دولار في 2003، إلى 76 مليون دولار في 2015، مايعني أنه انخفض بنسبة 90 %.وبتفصيل أكبر، فأنه خلال السنوات الـ12 الماضية، انخفضت صادرات سوريا إلى العراق بمعدل سنوي قدره 13.4٪، من 393 مليون دولار في عام 2003 إلى 69.6 مليون دولار في عام 2015.
أما صادرات العراق إلى سوريا خلال 12 عاما، انخفضت بمعدل سنوي قدره 26.2٪، من 263 مليون دولار في عام 2003 إلى 6.85 ملايين دولار في عام 2015.وفي ذات السياق، كشفت وسائل إعلام وتقارير سورية، عن وجود "سلوك عراقي مقصود" لتقييد البضائع السورية.
وأشار تقرير نشرته صحيفة "السورية"، إلى أن تصريحات وزيري تجارة الطرفين، غلبت عليها المجاملات الدبلوماسية المنفصلة عن الواقع، مبينة أن قبل شهر قرر الجانب العراقي وقف استيراد وتداول عدد من المنتجات السورية، في مقدمتها البندورة، في إجراء تسبب بصدمة لمصدري المنتجات السورية الذين عادت ما يراهنون على السوق العراقية.
ويقول التقرير إن المصاريف والرسوم التي تفرضها السلطات العراقية على شاحنات البضائع السورية على الحدود، والتي لا تتساوى مع الرسوم على مستوردات العراق من الدول الأخرى، إلى جانب إجبار الشاحنات السورية على تنفيذ مناقلة ”لبضائعها، لتحمل في شاحنات عراقية، أدى ذلك إلى زيادة تكلفة المنتج السوري، بصورة جعلته عاجزا عن المنافسة أمام نظيره الإيراني أو التركي، وهي معضلة عمرها أكثر من أربع سنوات.
وتطرق التقرير إلى تصريح لرئيس غرفة صناعة حلب، فارس الشهابي، الذي انتقد حلفاء الأسد بالمجمل، قائلا:“ حتى هذه اللحظة، تصدير قطعة ألبسة ولادي إلى أسواق الدول الحليفة لسوريا أصعب بكثير من تصديرها إلى المريخ.ويبين التقرير أن العراق كان من أبرز الشركاء التجاريين لسوريا، قبل العام 2011. إلا أنه، وبعد انحسار حالة الاضطراب الأمني والسياسي، في البلدين، منذ العام 2018، بقي التعاون الاقتصادي دون المستوى المتوقع، وفرض الكثير من القيود، من الجانب العراقي تحديدا.
ويشير التقرير أن أحد التفسيرات لذلك، أن الجانب العراقي يقتصد عرقلة الصادرات السورية إلى أراضيه، لمساومة النظام السوري لتغيير سياساته تجاه بعض الملفات الخلافية، وأبرزها، التعاون الأمني لضبط الحدود المنفلتة، ولجم تهريب المخدرات إلى جانب ملف المياه.
فضلا عن ذلك، يرى التقرير أن جهات فاعلة داخلية في العراق تتفصد التأثير على قرار الدولة لتقييد البضائع السورية لمنع منافسة البضائع التركية والإيرانية، مستدلة بذلك عبر تصريحات لرئيس اتحاد شركات شحن البضائع الدولي في سوريا، الذي قال يومها إن هناك جهات عراقية منفذة غير حكومية عرقلت تنفيذ قرار رسمي سمح بدخول الشاحنات السورية إلى الأراضي العراقية، موضحا أن هناك جهات داخل العراق لا تريد إتاحة وصول المنتج السوري بكلفة معقولة، كي لا يصبح منافسا للمنتجات التركية وغيرها.
وغيرها، تلك، يقصد بها، الإيرانية. وهو ما يؤكده تصريح أحد ممثلي المصدرين السوريين، قبل نحو شهرين، حينما أكد بأن الحمضيات الإيرانية أزاحت نظيرتها السورية من السوق العراقية.