28 Oct
28Oct

تعتبر الهجرة من الدول النامية إلى الدول الغنية تحدياً كبيراً للبلدان المعنية؛ فعلى الرغم من أن الأفراد الذين يهاجرون يبحثون عن فرص عمل ودخل أفضل، إلا أن هذا التحول الكبير في السكان قد يزيد الضغوط على الاقتصادات المضيفة.يتطلب استيعاب المهاجرين في البنية الاقتصادية والاجتماعية للدول الغنية إجراءات محددة واستثمارات كبيرة، وهذا يمكن أن يخلق توتراً في سوق العمل المحلية ويؤثر على الدخول والفرص الوظيفية للمواطنين الأصليين.

وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، هذا الأسبوع، والتي نشرتها صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإن الهجرة الدولية إلى الدول الغنية، بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق العام الماضي 2022؛ مدفوعة بالأزمات الإنسانية العالمية والطلب على العمال.

  • قدرت المنظمة -التي تتخذ من باريس مقراً لها- أن 6.1 مليون مهاجر دائم جديد انتقلوا إلى دولها الأعضاء البالغ عددها 38 دولة العام الماضي.

  • يشكل ذلك زيادة 26 بالمئة عما كانت عليه في العام 2021 وأعلى بنسبة 14 بالمئة عما كانت عليه في 2019، قبل أن يؤدي الوباء إلى توقف قسري للكثير من الحركة عبر الحدود.

  • الأرقام الأولية للعام 2023 تشير إلى زيادة جديدة وأن زيادة العام الماضي لم تكن مجرد انتعاش ما بعد كورونا.

  • لم يشمل هذا المجموع 4.7 مليون نازح أوكراني آخر كانوا يعيشون في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية اعتباراً من يونيو من هذا العام؛ وزيادة الهجرة المؤقتة من أجل العمل؛ أو 1.9 مليون تصريح للطلاب الدوليين - مع ذهاب أكبر عدد من الطلاب الجدد إلى المملكة المتحدة.

  • من المتوقع أن تستمر التدفقات الإنسانية والتدفقات المرتبطة بالعمل بمستويات عالية، حيث تمثل الأخيرة حصة متزايدة من إجمالي الهجرة، مدفوعة بندرة العمال على نطاق واسع.

من جانبه، قال الوزير الإسباني المسؤول عن الهجرة، خوسيه لويس إسكريفا، عند إطلاق تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: "تعاني معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من نقص في العمالة..

 الوضع لا يمكن إلا أن يزداد سوءا في المستقبل.، وفق تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.وبحسب إسكريفا فإنه "لتحقيق الاستقرار السكاني، في ضوء الاتجاهات الديموغرافية، سيحتاج الاتحاد الأوروبي إلى قدوم ما لا يقل عن 50 مليون شخص من الخارج خلال السنوات الـ 25 المقبلة"، مضيفاً أن هذا خلق "حاجة مطلقة" لهجرة كبيرة.

أسباب الهجرة للدول الغنية

من برلين، يقول مؤسس مركز بروجن للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية، رضوان قاسم، في تصريحات ، إن ارتفاع معدلات الهجرة إلى الدول الغنية أمر طبيعي خاصة بعد الأحداث التي تفاقمت أخيراً في عديد من دول العالم الثالث والدول المجاورة للاتحاد الأوروبي، مما أسهم في ارتفاع نسبة المهاجرين وطالبي اللجوء؛ بحثاً عن فرص عمل ومستوى حياة أفضل.

وأوضح أن هناك عديداً من الأسباب الدافعة إلى زيادة معدل المهاجرين إلى الدول الغنية هذا العام، وهي كالتالي:


  • الوضع الأمني والحروب التي حدثت داخل دول المهاجرين وأثرت بشكل ضخم على الوضع الاقتصادي في تلك الدول، ما ساعد على تقليص فرص العمل وغلاء المعيشة، على سبيل المثال الدول الموجودة في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، علاوة على الحرب في أوكرانيا، والتوترات في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان وحتى تركيا.

  • التغيرات المناخية، التي تعرضت لها الكثير من الدول، مثل الهزات الأرضية والفيضانات، والتي وقعت أخيراً في تركيا والمغرب وسوريا وليبيا، مما عقد الأمور أكثر وزاد من نسبة المهاجرين إلى الدول الغنية، بحثاً عن الاستقرار والأمان مع وجود إمكانية لفرص عمل أكثر.

  • وأشار إلى ما أعلنته وكالة الاتحاد الأوروبي للهجرة واللجوء، حول أن هناك ما يقرب من 30 بالمئة زيادة في معدلات الهجرة عن السنوات الماضية، ما كان له تأثير واضح وكبير على الدولة الغنية، من الناحية الاقتصادية وتحملها أعباء مادية كبيرة مع رفع مستوى الخلافات داخلها.

  • وتضاعفت الهجرة الإنسانية إلى ألمانيا والولايات المتحدة – أكبر دولتين من حيث منح اللجوء – تقريباً في العام 2022، مع وصول العدد الأكبر من الطلبات من فنزويلا وكوبا وأفغانستان ونيكاراغوا.

  • قالت المنظمة إن هجرة العمالة عبر الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى تسوية دائمة وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً في عديد من البلدان، بما في ذلك الضعف في المملكة المتحدة.

  • كان هناك ارتفاع بنسبة 59 بالمئة في ألمانيا، و39 بالمئة في الولايات المتحدة، و26 بالمئة في فرنسا.

  • في الوقت نفسه، بلغت التدفقات إلى نيوزيلندا ثلاثة أضعاف الرقم القياسي السابق، وذلك بسبب سياسة -لمرة واحدة- تسمح بالإقامة المؤقتة للمهاجرين الباحثين عن عمل.

  • وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن هذا يعوض تباطؤ التعافي بعد الوباء في تدفقات العمال داخل منطقة حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي، وبين أستراليا ونيوزيلندا، ويعني أن الهجرة المرتبطة بالعمل تمثل الآن أكثر من خمس الحركة عبر الحدود. 

  • التغيرات المناخية وزيادة وتيرة الهجرة


  • من بريطانيا، قال الخبير المالي والاقتصادي، محمد يسلم الفيلالي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن مسألة الهجرة هي ظاهرة طبيعية، وقد تزداد وتيرتها بسرعة خلال السنوات المقبلة؛ نتيجة التغيرات المناخية التي من المتوقع أن تدفع السكان إلى الهجرة بحثاً عن بيئات آمنة واستقرار اقتصادي.

  • وأكد أن عملية الهجرة حاسمة لموازنة التوزيع الديموغرافي، خاصة في المناطق التي تشهد انخفاضاً في معدلات الولادة، فلولا الهجرة لأصبح عدد السكان الأوروبيين في تناقص بمقدار نصف مليون في العام 2019، وبلغ إجمالي المواليد 4.2 مليون والوفيات 4.7 مليون، وأصبح الوضع أسوأ بعد جائحة كورونا، والتي أثرت على عدد السكان في العام 2022.

  • وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن بيانات الاتحاد الأوروبي، تشير إلى أن عدد تصاريح الإقامة الجديدة زادت لتتجاوز الـ 2.9 مليون في العام 2021 بعد الجائحة، ما دفع بعض البلدان إلى تغيير قوانينها والمفاهيم المتعلقة بالهجرة والمواطنة.

  • فيما يخص النمو الاقتصادي، أوضح الخبير الاقتصادي، أن للهجرة تأثيرات مزدوجة على النمو الاقتصادي:

    • من جهة، يسهم المهاجرون المهرة في زيادة الإنتاجية والابتكار وريادة الأعمال، مما يعزز من التقدم الاقتصادي، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يساعد في التنوع الثقافي الناتج عن الهجرة من السياحة وصناعات الثقافة.

    • من ناحية أخرى، تؤدي الهجرة بأعداد كبيرة إلى الضغط على الموارد العامة، ما يؤدي إلى تحديات مالية وضغط على الأجور نحو الأسفل مما يسبب التوترات الاجتماعية.

  • واختتم حديثه بالإشارة إلى أن المعضلة الحقيقة تكمن في القدرة على إدارة هذه التفاعلات للاستفادة من الإسهامات الاقتصادية الإيجابية للهجرة بينما يتم التخفيف من تأثيراتها السلبية. 

  • تأثيرات الهجرة على اقتصاد الدول الغنية


  • من جانبها، قالت الباحثة في الاقتصاد الدولي من القاهرة، الدكتور سمر عادل، إن هناك تأثيراً على الدول الغنية لدخول المهاجرين إلى أراضيها، حيث ينقسم هذا التأثير إلى وجهين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فمن الناحية السلبية أن هذه الدول تتعرض لضغط كبير على مواردها وميزانيتها واحتياجاتها الأساسية ونموها الاقتصادي، مما يسهم في رفع أسعار السلع الغذائية وإيجارات المنازل، بالإضافة رفع معدل البطالة لفترة كبيرة إلى أن يندمج المهاجرين في سوق العمل. 

  • أما الناحية الإيجابية، أوضحت الباحثة في الاقتصاد الدولي، أن بعد عملية اندماج المهاجرين في سوق العمل، سيمثلون قيمة مضافة قوية، ولكن يظل متوقفاً على نوع العمالة المهاجرة إليها، فهناك عمالة رخيصة الثمن والتي يمكن أن تستغلها الدول في المهن الصغيرة، وعمالة مهرة والتي يمكن تدمجه الدول في المهن التي تحتاج إلى مهارة عالية وسيكون لها تأثير إيجابي على اقتصاد هذه الدول.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة