يشهد العراق، تراجعاً حاداً في إنتاج الكهرباء بمقدار 5500 ميغاواط إثر توقف صادرات الغاز الطبيعي الإيراني منذ 24 تشرين الثاني الماضي، برغم انتهاء المهلة التي حددتها طهران لإصلاح خط الأنابيب، التي بلغت 15 يوماً، إلا أن الإمدادات لم تُستأنف بعد، وفقاً لتأكيد المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى العبادي في تصريح أمس إن (توقف الغاز أدى إلى خفض ساعات إمداد الكهرباء الوطنية بشكل كبير)، مشيراً إلى أن (إنتاج العراق من الكهرباء لا يتجاوز حالياً 15 ألف ميغاواط، مع استمرار أعمال تجديد بعض المحطات). ووقع الوزير زياد علي فاضل، عقد إنشاء ثلاث محطات تحويلية في البصرة.
وقال بيان تلقته (الزمان) أمس إن (الوزير وقع عقداً لإنشاء 3 محطات تحويلية لصالح مديرية كهرباء المنطقة الجنوبية في محافظة البصرة). وأضاف أن (العقد تم مع شركتين تركيتين). وفي ظل هذه الأزمة، خصص العراق في موازنة العام الجاري أكثر من 18 تريليون دينار لقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى تعزيز واردات الطاقة بمخصصات إضافية بلغت 1.463 تريليون دينار.
ومع ذلك، ويواجه العراق تحدياً كبيراً بسبب اعتماده على استيراد الغاز، في وقت يحرق فيه سنوياً غازاً بقيمة 10 مليارات دولار، بحسب عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان ضرغام المالكي، الذي شدد على (ضرورة إيجاد حل جذري لهذه الأزمة). من جهة أخرى، حمّل النائب ثائر الجبوري، الحكومات المتعاقبة مسؤولية تفاقم أزمة الكهرباء المستمرة منذ أكثر من عقدين، واكد ان نقاط سوداء ترتبط بالفساد وسوء التخطيط أدت إلى تعثر هذا الملف الحيوي.
وقال الجبوري في تصريح أمس إن (الكهرباء في العراق تمثل ملفاً معقداً وشائكاً، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة في تجاوز أزمته، برغم كشف هيئة النزاهة والمحاكم عن ملفات فساد أدت إلى إصدار أحكام قضائية بحق وزراء ووكلائهم، ولاسيما إن هذه الممارسات كانت عاملاً رئيساً في معاناة المواطنين على مدار السنوات الماضية)، مؤكداً إن (محاولات الحكومة الحالية لطرح حلول ترقيعية، مثل تمويل شراء الألواح الشمسية عبر المصارف الحكومية، تواجه عراقيل ومعوقات إدارية، في ظل تغلغل الأحزاب والقوى داخل مفاصل الوزارة، ما يضعف قدرتها على تنفيذ أي إصلاحات فعلية)، ولفت إلى أن (أي وزير يأتي إلى هرم الكهرباء سيواجه عراقيل كبيرة بسبب تعقيدات الملفات المتراكمة وتغلغل المصالح الحزبية، وهذا يتطلب خطة شاملة تعتمد على حلول استثمارية، مثل إشراك شركات رائدة في تجهيز الطاقة، مع ضمان حماية الفئات الفقيرة من ارتفاع أسعار الفواتير).
وتشكو بغداد من انقطاعات متكررة وطويلة لساعات التجهيز، حيث لا يتجاوز التيار الوطني 13 دقيقة في بعض المناطق قبل أن ينقطع لساعات، ما أثار غضباً واسعاً بين الأهالي. ويشير خبراء إلى أن (الفساد المالي والإداري وسوء التخطيط يقفان وراء هذا التدهور، برغم ضخامة المبالغ المخصصة لقطاع الكهرباء في الموازنات السنوية، إذ تبقى مشاريع تطوير البنية التحتية متوقفة، ما يجعل المواطنين يعتمدون بشكل كبير على المولدات الأهلية بتكاليف باهظة)، من جانبهم، قال مواطنون (ندفع للمولدات أكثر ما ندفع للحصول على الكهرباء الوطنية التي بالكاد تعمل، فهذا الوضع لا يُحتمل، ويثقل كاهلنا بتكاليف إضافية)، مؤكدين إن (الجباية التي تفرضها الكهرباء أصبحت غير معقولة، وندفع مبالغ كبيرة دون أن نحصل على أي خدمة حقيقية، وسط معاناة يومية من انخفاض درجات الحرارة وانقطاع التيار).