اختتم البنك المركزي العراقي حوالي عامين على بدء الرقابة المشددة على الدولار عبر المنصة الالكترونية التي كان من المفترض انها تكون بوابة تصفية وعينا حارسة على العملة الخضراء بعد سنوات من عمليات القرصنة بوسائل مبتكرة تسرب من خلالها الدولار الى خارج العراق.
نافذة "غسيل" العملة.. 20 عاما والبنك المركزي وسيط لـ"الغاسلين"
حوالي 20 عاما تحول فيها البنك المركزي إلى وسيط بين منبع الدولار الامريكية من جهة، وبين غاسلي أموال من جهة اخرى.. وبفواتير مزورة ومسافرين وهميين، استطاع قراصنة الدولار تسريب بين 350 و500 مليار دولار طوال عقدين، لكن، وفي لحظة صحوة مباغتة.. اكتشف الجميع أخيرًا أن عمليات لصوصية وفضائح غسيل اموال وتهريب وتمويل دول ومنشآت مشبوهة، تجري بمساهمة مباشرة او غير مباشرة من البنك المركزي العراقي وعدة مصارف، سواء بعمله أو دون علمه.
75% من المبيعات "مشبوهة".. المنصة الالكترونية خفضت المبيعات من 5 الى 1 مليار دولار شهريا
بدأ تطبيق المنصة الالكترونية مطلع 2023، لكن التقييد الفعلي على الدولار بدأ في نوفمبر 2022، الأمر الذي أدى لانخفاض مدوٍ من متوسط شهري يبلغ 4 الى 5 مليار دولار، الى حوالي مليار دولار شهريًا فقط، ما يعني أن حوالي 75% من مبيعات الدولار لم تنجح في اختبار الشفافية.
المبيعات عادت للارتفاع الى حوالي 6 مليار دولار شهريا بعد 8 اشهربعد ذلك، عادت المبيعات لترتفع في منتصف 2023 لتسترجع متوسطها الشهري بين 5 و6 مليارات دولار، فسرها البنك المركزي بأنها جاءت بعد تمكن المصارف المشاركة في المزاد من تحسين أدائها وتقديم الادلة الكافية على المصير النهائي والمستلم الشرعي لهذه الدولارات.
عودة بوادر "المبيعات المشبوهة".. دولار المركزي يصل الى مصارف "محظورة"عامان من الاختبار الطويل، لكن الدرس يبدو أنه لم يُفهم جيدًا.. ويبدو أن عملية بيع الدولار عادت إلى الأيام الخوالي وارتدت عن دينها الجديد "المستقيم"، فبحسب اعضاء في مجلس النواب العراقي، فإن البنك المركزي باع كميات من الدولار الى مصارف ممنوعة من الحصول عليه من المفترض
مصارف العراق..نصفها ممنوع من الدولار و 25% منها تستحوذ على المزاديمتلك العراق اكثر من 60 مصرفا، نصفها ممنوعة من التعامل بالدولار، ومن بين حوالي 30 مصرفا متبقيا، لا يشارك بمزاد العملة سوى بين 12 و16 مصرفا فقط، حيث تستحوذ هذه المصارف على مزاد العملة وحوالاته الخارجية.
السوداني اعتبر بيع اكثر من 200 مليون دولار يوميا "غير منطقي" ولا يناسب حاجة السوقليس تصريحات النواب فحسب، بل الأرقام ذاتها تطرح الشبهات والشكوك، ففي مطلع 2023، اعتبر رئيس الوزراء محمد الشياع السوداني المبيعات السابقة من الدولار والبالغة بين 200 و300 مليون دولار يوميًا، أرقاما مبالغ فيها، ولا تتناسب مع حجم الاستيرادات المفترضة، فبعد ان انخفضت المبيعات الى 50 مليون دولار يوميًا فقط، استدل السوداني على أن السوق لا يظهر اختفاءً لبعض البضائع او ارتباكا في التجارة، ما يثبت ان الكميات السابقة من المبيعات غير منطقية.
300 مليون دولار يوميا.. المبيعات تسترجع مستواها "المشبوه"لكن.. بعد أقل من عام واحد، كم تبلغ المبيعات الدولارية اليوم؟.. لا جديد.. عادت المبيعات الى المستويات التي كان ينتقدها السوداني بنفسه، فمبيعات الدولار حاليا تلامس الـ300 مليون دولار يوميًا، بالرغم من أن الاستيرادات في السوق لا تظهر تغيرا كبيرا عن السابق.. فما الذي حدث؟
8.1 مليار دولار.. البنك المركزي يحطم رقما قياسيا بالمبيعات في اكتوبر 2024ربما لا يعلم أحد ما الذي يحدث بالضبط.. سوى أن البنك المركزي بدأ يحطم ارقاما قياسية في مبيعاته الشهرية من الدولار، ففي اكتوبر الماضي، حطم البنك المركزي رقما قياسيا بمبيعات الدولار بلغت اكثر من 8 مليار دولار، وهو رقم لم يسجله من قبل أبدًا، وعمومًا كان العام 2024 هو عام تحطيم الارقام القياسية بمبيعات الدولار، فلقد وصلت المبيعات في بعض الاشهر الى اكثر من 7 مليار دولار، بعد ان كان متوسط المبيعات الطبيعي في العامين الماضيين في احسن الاحوال، لا يتجاوز الـ6 مليار دولار شهريًا. ما باعه البنك المركزي في 2023 من الدولار حققه في 9 اشهر فقط في 2024
وفي الخلاصة، باع البنك المركزي في 2023 حوالي 55 مليار دولار، اما في 2024 وحتى شهر اكتوبر، بلغت المبيعات اكثر من 65 مليار دولار، وبتدقيق اكبر فأن ما باعه البنك المركزي خلال 2023 بالكامل، باعه خلال 9 اشهر فقط في 2024.