08 Mar
08Mar

20 عاما مرّت وما يزال العراق يعاني من أزمة الكهرباء، التي لا تتوفر إلا ساعات محددة وفق نظام يُعرف محليا "بالقطع المبرمج"، حيث تزود الدولة المواطنين بالكهرباء لساعات معينة مقابل ساعات انقطاع أخرى، وهو ما أدى إلى اعتماد العراقيين على مولدات الطاقة الكهربائية الأهلية، مع تكبدهم أجور إضافية لتوفير كميات محدودة من الكهرباء.

ولم تكن زيارة السوداني إلى برلين الأولى لرئيس وزراء عراقي بعد عام 2003، إذ سبقه رؤساء الوزراء السابقين نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي في زيارات أثمرت حينها توقيع مذكرات تفاهم لاستثمار الطاقة في البلاد من قبل شركة سيمنز كذلك، ومن دون أن تسفر عن شيء.

*البداية في 2008وبدأت اللقاءات بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في شركة "سيمنز"، منذ عام 2008، عندما وقع رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، عقدًا بين وزارة الكهرباء و"سيمنز" لبناء محطات جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية بسعة 3300 ميغا واط.


وفي ذلك الوقت، قال المالكي: إن "هذا التوقيع هو فرصة أخرى تعزز آمالنا بتحسين قطاع الكهرباء".


وحتى خروجه من السلطة عام 2014، لم تدخل "سيمنز" بشكل فعلي في العراق، ولم تنفذ أيًا من مشاريعها المبرمة، بينما زادت مشاكل قطاع الطاقة، بسبب التوسع السكاني، وسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على مساحات واسعة من العراق.


وبعد مجيء رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، أعلن أيضًا عن اتفاق مع "سيمنز" لتطوير قطاع الطاقة.


وقال العبادي حينها، إن "إنتاج الكهرباء وصل إلى 16 ألف ميغا واط، واتفقنا مع شركة سيمنز، لتطوير قطاع الطاقة وصولا إلى مستوى تجهيز 24 ساعة".


وتناولت الصحافة الألمانية حينها جزءا من هذا الاتفاق الذي كان في طور التنضيج لتوقيع العقد الذي بلغت قيمته 13 مليار يورو في حينها، أي أكثر من 15 مليار دولار.


واتهمت "سيمنز" في الماضي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية.


لكن العبادي، لم يوقع عقدًا مع الشركة حتى رحيله عن السلطة عام 2018، ليحمل رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي، راية الشراكة مع سيمنز، وبقوة، ويبرم اتفاقًا في برلين عام 2019، بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.


وحمل العقد التفاصيل نفسها التي تم الاتفاق عليها مع حكومة حيدر العبادي، إلا أن قيمة العقد ارتفعت إلى أكثر من 17.5 مليار دولار، حيث كان من المؤمل أن يضيف العقد 11 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، وعلى مدار 4 أعوام.


لكن الاحتجاجات الشعبية وما رافقها من أحداث دامية، وميول حكومة عبد المهدي نحو الصين والترويج لمشروع الحزام والطريق، ولدت ردة فعل لدى الولايات المتحدة، التي واجهت مشاريع الدول الأخرى في العراق، بشكل عام، بنوع من البرود أو التخوف من ضعف نفوذها في البلاد.


وحينها، اتهم الرئيس التنفيذي لشركة "سيمنز" الألمانية، جو كايسر، في تصريح صحفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية والدفع في اتجاه منح الصفقة بالكامل لشركة جنرال إلكتريك، لتبقى الأمور على ما هي عليه.


وفي 2021، صدرت عدة مواقف من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، تضمنت حث "سيمنز" على مواصلة العمل وتجاوز التلكؤ، ولكن لم يتحقق أي تقدم ملحوظ.


نص الاتفاق الجديد الذي وقعته حكومة السوداني مع الشركة الألمانية على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء في العراق بشكل عام


لا توجد أفضلية بين شركات الطاقة الأميركية والألمانية والصينية للاستثمار في العراق، وفقا للخبير في شؤون الطاقة بلال الخليفة، الذي أوضح أن "لكل شركة مميزات تختلف عن الأخرى، وأن العراق بحاجة لجميعها".


*السوداني يواصل "مسيرة الاتفاقيات" مع "سيمنز"بعد مجيء حكومة السوداني، في تشرين الأول الماضي، برز ملف الطاقة والحلول المطروحة، لمعالجته، ليتجه رئيس الحكومة سريعا نحو شركة "سيمنز".


وأجرى السوداني في كانون الثاني الماضي زيارة إلى ألمانيا، التقى خلالها المستشار الألماني، أولاف شولتس، كما وقّع مذكرة تفاهم مع شركة "سيمنز".
ونص الاتفاق الجديد على "تطوير منظومة الكهرباء، ومنها أن تعمل شركة سيمنز بالتنسيق مع وزارة الكهرباء، على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء بشكل عام، تتضمن حلولا للمشاكل، كما تقوم الشركة بإنشاء محطات توليد جديدة".


وقالت وزارة الكهرباء، إن "مذكرة التفاهم تضمنت تقديم شركة سيمنز دراسة متكاملة للعراق، عن الكيفية التي يتم فيها الاستفادة من الغاز المصاحب، في دعم وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية، كما تضمنت توقيع اتفاقية طويلة الأمد، لصيانة وتأهيل الوحدات العاملة في العراق التي أنشأتها شركة سيمنز".


ونص الاتفاق على "تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وهي الطاقة الشمسية وحركة الرياح، وإنشاء محطات تحويل في عموم مناطق العراق، إلى جانب تطوير وتأهيل كوادر وزارة الكهرباء ونقل الخبرات".


ووقع رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أمس الثلاثاء، خلال لقائه وزيرة الخارجية الألمانية، ثلاثة عقود مع سيمنز للطاقة.


وذكر المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء، في بيان، أن "السوداني إستقبل وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك والوفد المرافق لها، وجرى خلال اللقاء بحث سبل توطيد العلاقات الثنائية، والشراكة في مختلف المجالات، لما فيه مصلحة الشعبين العراقي والألماني".


وأكد رئيس مجلس الوزراء، خلال اللقاء، على "أهمية استمرار التواصل والتعاون الثنائي، وتبادل المعلومات في الجانب الأمني"، معربا عن "انفتاح العراق على كل أشكال الشراكات والفرص الاستثمارية، وترحيبه بمساهمة الشركات الألمانية في بناء البنى التحتية ب ‍‍العراق".


من جانبها، نقلت الوزيرة الألمانية إلى السوداني تحيات المستشار الألماني أولاف شولتس، وأعربت عن "رغبة الحكومة الألمانية باستئناف أعمال اللجنة العراقية الألمانية المشتركة مجدداً"، مؤكدة "دعم ألمانيا جهود الحكومة العراقية في سعيها لتنفيذ الإصلاحات الإدارية والاقتصادية، وفي تحقيق الحوكمة الرشيدة".


واضاف البيان، انه "وفي ختام اللقاء، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء، جرت مراسم التوقيع مع شركة سيمنز الألمانية للطاقة، للمجموعة الأولى من عقود المشاريع المدرجة ضمن مذكرة التعاون، وتتضمن أعمال التأهيل والخدمة الشاملة لمحطات (كركوك، والرشيد، والصدر الغازية) لإنتاج الطاقة الكهربائية".


وتابع: "هذه العقود تغطي خدمة المحطّات لمدّة خمس سنوات، بطاقة إنتاجية تصل الى 1400MW، ما يساعد على ديمومة العمل فيها واستقرار إنتاج وتوزيع الطاقة، وستعمل الحكومة الألمانية ولأول مرة على متابعة عمل سيمنز في العراق، لضمان التنفيذ الكامل من قبل الشركة للعقود المبرمة والتقيّد بها".


ويأتي توقيع العقود الثلاثة، تأكيداً لالتزامات وزارة الكهرباء بموجب مذكرة التفاهم الموقعة مع شركة سيمنز الألمانية في برلين، برعاية رئيس مجلس الوزراء في شهر كانون الثاني الماضي، وقد تمكنت الحكومة العراقية بهذه العقود الثلاثة من الحصول على تخفيض مالي يصل إلى نسبة 30.


وينتج العراق نحو 24 ألف ميغاواط من الكهرباء، لكن من أجل تفادي الانقطاعات الكهربائية، تحتاج البلاد إلى 32 ألف ميغاواط لتغطية احتياجاتها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة