أطلقت الحكومة العراقية عام 2021 مبادرة الطاقة وتقليل الانبعاثات عبر الطاقة الشمسية، وفي 2022 أكدت على دعمها، ولكنها لا تبدو فعالة أو أكتمل برنامجها على نحو تام حتى يومنا هذا.
وتنص المبادرة على نصب منظومات الطاقة الشمسية على أسطح مؤسسات الدولة، والمبلغ المخصص لها 90 مليار دينار عراقي لمدة خمس سنوات لدعم الشبكة الوطنية.
سعت الحكومة العراقية لحل مشكلة الكهرباء عن طريق التعاقد مع دول وشركات كبرى في مجال الطاقة المتجددة، وكان من بينها توقيع اتفاقيات مع شركات عربية وأجنبية لإنشاء مشاريع كهروشمسية في العراق، إلا أن مساعيها تعثرت، وهو ما يبقي ثروة الطاقة الشمسية غير مستغلة بما يكفي.
ويقول المختص في مجال الطاقة، مرتضى حاتم، إن "إطلاق مبادرة لدعم الطاقة وتقليل الانبعاثات عبر الطاقة الشمسية في العراق يُعَدُّ خطوة هامة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة".
ويضيف، أن "اعتماد الطاقة الشمسية يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يضمن استدامة أكبر لمصادر الطاقة، ويقلل من تقلبات الأسعار المرتبطة بأسعار النفط".
ويوضح، أن "الطاقة الشمسية هي مصدر نظيف للطاقة، يساعد في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحسين جودة الهواء، وهو أمر مهم في مواجهة التغيرات المناخية"، مبيناً "تقليل الاعتماد على استيراد الطاقة من الخارج وزيادة الإنتاج المحلي يعزز الأمن الطاقوي للبلاد".
ويكمل، أن "تطوير مشاريع الطاقة الشمسية يمكن أن يوفر كثير من فرص العمل في مجالات التصميم، والتركيب، والصيانة، بالإضافة إلى تحفيز الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا النظيفة".
ويؤكد حاتم، أن "العراق يمتلك موارداً شمسية وفيرة، يمكن استغلالها لتوفير طاقة مستدامة ورخيصة، مما يسهم في تحسين البنية التحتية للطاقة".
ويبين، أن "إطلاق مبادرات الطاقة الشمسية يعكس التزام الحكومة بالتحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام، مما يعزز مكانة العراق في المجتمع الدولي كدولة مسؤولة بيئيًاً". ويقول الصحافي والمهتم بشؤون الطاقة المتجددة، علي ناجي، إن "جميع المنظومات التي بُنِيت بجميع أشكالها على أسطح مؤسسات الدولة قبل هذه المبادرة لم تلاق النجاح، وتكاد تكون فشلت، ومنها التي نصبت على دوائر ذات العلاقة بالطاقة المتجددة".
وبردف، أن "هناك تعليمات للدفاع المدني تحدد ساعات استخدام الطاقة المتجددة في أثناء ساعات الدوام الرسمي فقط، وهذا يعني هناك خسائر في تشغيل المنظومات الشمسية من لحظة شروق الشمس إلى لحظة بداية الدوام الرسمي وتوصيل المنظومة بالشبكة الوطنية"، موضحاً "خسائر التوليد من نهاية الدوام إلى غروب الشمس، بسبب قطع الشبكة الوطنية بعد انتهاء الدوام، فضلا عن أيام العطل والمناسبات التي تكون فيها خارج الخدمة". ويكمل، أن "نصب هذه المنظومات على أسطح البنايات سيعيق عملية صيانة الأسطح في حالة تلفها"، مؤكداً أنه "لا يتوفر في هذه الدوائر كوادر كافية لإدارة وصيانة هذه المنظومات الشمسية، وحتى وان دُرِّبت فالتدريب الجزئي لا يكون كافي، ولا يغطي متطلبات هذه المنظومات".
وفيما يتعلق بالمعرقلات التي تعيق نجاح المبادرة، يشرح علي ناجي، أنه "يجب وضع هذه المنظومات في أطراف المدن على شكل مزارع "مزارع الطاقة الشمسية" مقسمة على خمس مناطق مثلاً ما بين المناطق الشمالية والوسطى والجنوب، كما هو الحال في مصر والإمارات وغيرها"، لافتاً إلى أن "عدد الموظفين لأدامتها سيكون أقل وسهل التحكم بها، فضلاً عن هذه المزارع ستزرع بالأشجار مما يزيد من عمليات التشجير". ويتابع، أن "المنظومات تربط على شكلين، بالشبكة الوطنية، وأيضاً شحن بطاريات لدعم المناطق في حال انعدمت بها الكهرباء أو قليل وصول التيار الكهربائي لها".
ويحتاج العراق، الذي يعاني تهالك بنيته التحتية عقب عقود من النزاعات والفساد المُزمن في الإدارات العامة، إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية احتياجاته، لكن محطات الطاقة الكهربائية في البلاد تنتج نحو 24 ألف ميغاواط فقط. في 12 مارس/آذار من العام الماضي 2023، أعلن وزير النفط حيان عبدالغني أن الاستعدادات جارية لتدشين أول مشروع طاقة شمسية في العراق، بطاقة تبلغ نحو 1000 ميغاواط، وهو ما تزامن مع مساعي الدولة لتعزيز استثماراتها في قطاع الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي. وعلى الرغم من هذه الحاجة، فلا تزال الطاقة المتجددة غير مستغَلة بالمقدار الكافي، ويتمتع العراق بأكثر من 3000 ساعة من سطوع الشمس، من أصل 8700 ساعة في السنة.
وفي الوقت نفسه، يجري إنتاج أكثر من 98 في المئة من الكهرباء في العراق عن طريق الوقود الأحفوري، وفقاً لتقرير "البنك الدولي". ولتشجيع السكان على تركيب أنظمة للطاقة الشمسية، أعلن "البنك المركزي العراقي"، في 2022، تخصيص تريليون دينار (نحو 750 مليون دولار)، لتأمين قروض مدعومة للقطاع الخاص، تشمل المنازل والشركات الخاصة. لكن وفقاً لمتخصصين في مجال الطاقة المتجددة، فإن هذا المشروع متعثر، بسبب عدم تعاون المصارف.
وعلى مدى السنوات الماضية، يعتمد العراق على إيران في إمدادات الكهرباء، باستيراد 1200 ميغاواط، وكذلك وقود الغاز لتغذية محطات التوليد المحلية. وفي العام الحالي، نقلت وكالة الأنباء العراقية عن مستشار الهيئة رحيم الجعفري قوله إن "هناك خطوات جادة وعملية لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، حيث وُضِعت خطة لإنتاج نحو 12 ألف ميغاواط حتى نهاية 2030"، مضيفا أنه "تمت المصادقة عليها من مجلس الوزراء".
وكانت وزارة البيئة قد حددت 3 أنواع من التلوث، من بينها النفايات، التي تمثّل تحديًا خلال المرحلة الراهنة في العراق، داعية إلى اعتماد التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة والنظيفة بديلًا عن الوقود الأحفوري.