رغم إنشاء المجمعات السكنية في العراق على مدى السنوات الماضية، لكن أزمة السكن ما تزال تهيمن على المشهد – خصوصاً في العاصمة– إذ أن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في أغلب المجمعات الاستثمارية يزيد من حجم المشكلة، وفي حين يحمل كثيرون أصل المشكلة إلى المستثمرين القائمين على تلك المشاريع، يطالب برلمانيون وأخصائيون بـ"اتخاذ إجراءات صارمة بحق المستثمرين لردعهم عن تجاوز الأسعار المتفق عليها مع الجهات المسؤولة".
وتقول عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، سوزان منصور، إن "معالجة أزمة السكن في العراق من خلال المجمعات السكنية وبما يتناسب مع أصحاب الدخل المحدود لم يصار لحلها إلى الآن"، مبينة في تصريح أدلت به للجريدة الرسمية اليوم الأربعاء، أن "تلك المجمعات صنعت أزمات جديدة كان أبرزها أزمة الزخم المروري، وأن تشكيل المجمعات داخل بغداد على الأقل من (4000_ 5000) وحدة سكنية لا يلبي الحاجات التي أُنشأت لأجلها تلك المجمعات، وهي توفير السكن لأصحاب الدخل المحدود".
واتهمت منصور مستثمرين بعدم الالتزام بالجدوى الاقتصادية لمشاريعهم السكنية، داعية الجهات الحكومية الرسمية إلى "اتخاذ إجراءات صارمة بحق أي مستثمر لا يلتزم بالجدوى الاقتصادية لمشروعه السكني وسحب رخصة الإجازة في حالة مخالفتها للشروط القانونية".
قالت منصور مستشهدة بمثال عن تلك المخالفات إن "أحد المجمعات السكنية في بغداد تباع من خلالها الوحدة السكنية بأكثر من ضعف السعر الرسمي الموقع في العقد، بأسعار من (1200 إلى 1600 دولار) للمتر المربع الواحد. ولم نجد أي عقوبة بحق المستثمرين المخالفين للجدوى".
أما رئيس هيئة استثمار القادسية، الدكتور رزاق شبر، أكد في اقتراح لحل الازمة القائمة "ضرورة تقسيم الوحدات السكنية في المجمعات إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى تتناسب مع أصحاب الدخل العالي وبمواصفات عالية، والفئة الثانية بمواصفات أقل من الأولى لكنها جيدة وتتناسب مع أصحاب الدخل المتوسط، والثالثة تكون أقل من الأولى والثانية وتتناسب مع أصحاب الدخل المحدود، على أن تكون مبادرة السكن والإقراض من المصرف العقاري حصراً للفئتين الثانية والثالثة.
وإلزام المستثمرين بالإعلان عن الفرصة الاستثمارية بتقديم مواصفات - للمجموعتين المذكورتين آنفاً - وأن تكون الوحدات بأسعار تنافسية بمواصفات محددة سلفاً في الإعلان".
وفيما يتعلق بالزام المستثمرين بتحديد أسعار منطقية، أشار شبّر إلى أنه "لا توجد إجراءات محددة بقدر وجود تنافس، لكن بإمكان هيئات الاستثمار ووزارة الإعمار أن تعلن عن إنشاء مجمعات سكنية بمواصفات وبأسعار محددة، بالتالي يتنافس المستثمرون المتقدمون على تلك الأسعار ضمن جدول زمني محدد للحد من جشع بعض المستثمرين الذين أثروا وبشكل كبير على المواطنين وفرضوا أسعاراً عالية مضاعفة".
وأكد أنه "لحل أزمة السكن يجب إدخال شركات القطاع العام، وإيجاد تنسيق واتفاق بحصر مبادرة السكن للمجمعات التي تبنى عن طريق الشركات العامة، وتوفير سكن للمواطن بسعر مناسب وحصر مبادرة السكن لهذه المجمعات مما يحقق طمأنينة للمواطن، كونها شركات حكومية ووتخضع لإشراف مكاتب هندسية معتمدة من قبل الدولة".
من جانبه، نبّه رئيس مؤسسة "أصول للتطوير الاقتصادي والتنمية المستدامة"، خالد الجابري، في حديث للجريدة الرسمية، أنه "حسب الدستور العراقي، ووفق المادة 25 منه، يجب على الدولة أن تنمي القطاع الخاص وتعطي فرصة للنمو والمناقصة"، لافتاً إلى أن "هناك مجلساً لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة، ومجلساً آخر يختص بحقوق وحماية المستهلك، ودستور العراق الحامي الرئيس للتشريعات".
ورأى الجابري أن "الذهاب إلى الشركات العامة والاعتماد عليها في قضية المجمعات السكنية (غير صائب)، ولربما يقتل المنافسة. كما أنه نوع من أنواع الاحتكار، ويجب إتاحة العمل للقطاع الخاص وتوسيع عمل قاعدة النشاط الاقتصادي.. بالتالي، إذا ما جلبنا الشركات العامة الحكومية لبناء مشاريع المجمعات السكنية، فما ذلك إلا انهيار للقطاع الاقتصادي". الجابري قدم طرحاً لحل أزمة السكن في العراق، بقوله: "لابد من إيجاد حلول مبتكرة؛ منها زيادة عدد الأراضي وتوليد بيئة استثمارية مشجعة للاقتصاد وذلك من خلال تعديل قانون الاستثمار ليتلاءم مع هذا التوجه، فضلاً عن تعديل قانون الشركات وتعديل إقرار ضريبة الدخل الجديد، وإقرار قانون الأفلاس".