تشهد مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، اضطرابا أمنيا بعد تظاهرات شعبية سجلتها، ليلة أمس، احتجاجاً على مداهمة الأمن منازل ناشطين واعتقال عدد منهم، والتي تسببت بوقوع جرحى من المتظاهرين وعناصر الأمن.وفي هذا الإطار، أكدت وزارة الداخلية العراقية، يوم السبت، توفير الحماية للمتظاهرين في محافظة ذي قار جنوبي البلاد، فيما شددت على منع “الأساليب المرفوضة”.
ونفذت القوات الأمنية، الإسبوع الماضي، عمليات دهم لمنازل ناشطين في التظاهرات الشعبية، واعتقل عدداً منهم، الأمر الذي أثار موجة غضب شعبي، ولا سيما أن عمليات الدهم والاعتقال قد وصفت بأنها “تعسفية”، وأنها تستهدف الناشطين بتظاهرات 2019. على الرغم من أن قيادة شرطة المحافظة أكدت في حينها، أن الاعتقالات جاءت بحسب مذكرات قبض قضائية صادرة من المحاكم المختصة، وأنها لم تكن عشوائية، ولم تستهدف أشخاصاً غير مطلوبين للقضاء.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم في في مقر قيادة شرطة محافظة ذي قار بالمحافظة، أنه “سيتم توفير الحماية اللازمة لجميع المتظاهرين، لكن هناك بعض الأساليب المرفوضة والتي لن تُسمح بها إطلاقًا”.وأشار ميري إلى أن “المحافظات العراقية تشهد ازدهارًا أمنيًا وتقدمًا، بما في ذلك محافظة ذي قار، إلا أن الأخيرة تشهد حالات تختلف نوعًا ما عما هو موجود في المحافظات الأخرى، وهو ما يُعتبر مؤسفًا في الحقيقة”.
وأكد ميري أن “الوزارة لن تسمح بأي شكل من الأشكال بحرق الإطارات مرة أخرى أو قطع الطرق أو الاعتداء على المصالح العامة”، مشددًا على أنه “لا صوت يعلو على صوت الدولة والقانون في ذي قار”.كما كشف المتحدث باسم الداخلية، أن “عدد المعتقلين في المحافظة بلغ 578 شخصاً”، مشيراً إلى أن “هؤلاء المعتقلين ليسوا من المتظاهرين”.
وكشف ميري عن “تفاصيل المعتقلين، حيث تم احتجاز 10 أشخاص وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب، و25 متهماً وفق مواد القتل العمد، بالإضافة إلى 15 معتقلاً بموجب قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، كما تم اعتقال 30 شخصاً بسبب جرائم السرقة، و4 آخرين بسبب جرائم التسليب، ومعتقل واحد بتهمة الخطف”.
وتابع: “كذلك، هناك 20 معتقلاً بسبب جرائم أخلاقية، و30 آخرين بسبب جرائم الاحتيال، و20 معتقلاً بتهمة الشروع بالقتل، و25 شخصاً بسبب جرائم الاعتداء على الموظفين، بالإضافة إلى 25 معتقلاً بسبب الدكات العشائرية، و371 معتقلاً بتهم جنائية مختلفة”.من جانبه، قال قائد شرطة ذي قار، اللواء نجاح العابدي، إن “هناك وسائل مغرضة تحاول تحريف الحقيقة”، مؤكدًا أنهم “مع المتظاهرين بالشكل الذي كفله الدستور والقانون”.
وأضاف أن “ثقة حكومة المحافظة والمواطنين بقيادة الشرطة تفرض عليهم عدم السماح بأي حرق للشارع أو تعطيل المصالح العامة”.وشهدت مدينة الناصرية أمس الجمعة، خروج المئات من المتظاهرين الرافضين لحملات الاعتقال، والمطالبين بإطلاق سراح المعتقلين وإقالة المحافظ وقائد شرطة المحافظة.
وتطورت التظاهرات ليلاً بعدما أغلقت قوات الأمن ساحة الحبوبي، وهي ساحة التظاهر الرئيسة في المدينة، وحاولت منع المتظاهرين من الوصول إليها بالقوة مستخدمة القنابل المسيلة للدموع وأطلقت الرصاص في الهواء، واندفع المئات من المتظاهرين نحو الساحة التي تمكنوا من الوصول إليها، بعد اشتباكات مع الأمن سبَّبت سقوط جرحى.
وأعلنت قيادة شرطة محافظة ذي قار، ليل أمس الجمعة، إصابة 21 ضابطاً ومنتسباً خلال أعمال شغب رافقت التظاهرات.
وقالت القيادة في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “الدستور العراقي كفل حق التظاهر السلمي، وإن من الواجب على القوات الأمنية العمل على حماية المتظاهرين وتوفير الأجواء الآمنة لهم لكي يمارسوا حقهم للمطالبة بالحقوق المشروعة”.
وأضافت أن “قيادة شرطة محافظة ذي قار قامت بتأمين الحماية الكاملة للمتظاهرين، إلا أن بعضاً من مثيري الشغب اعتدوا على القوة المكلفة بحماية التظاهرة، مما أدى إلى إصابة 3 من الضباط و19 منتسباً، تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج”.
ومنذ ليل أمس، تشهد المدينة انتشاراً أمنياً مكثفاً بعد نزول المئات من عناصر الأمن في ساحة الحبوبي، والطرق المؤدية إليها، فضلاً عن عدد من الشوارع والتقاطعات، فيما حذر ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي من “استفزاز الشارع” في الناصرية.وكانت ” قد أحصت في تقرير سابق لها، النكبات التي عاشتها الناصرية منذ أواخر 2019 ولغاية الآن (تموز يوليو 2021)، سواء الصحية أو الأمنية، لاسيما وأن المحافظة شكلت أبرز نقطة في انتفاضة تشرين بعد العاصمة بغداد.