عادت رائحة الكبريت الكريهة مرة أخرى لتهيمن على أجواء العاصمة بغداد وضواحيها منذ ساعات الليل وحتى فجر اليوم السبت، كما غطى دخان كثيف خانق مناطق شمال بغداد وصولاً إلى شرقها ، الأمر الذي أثار قلق المواطنين حول أسباب ومصدر الدخان بهذا الحجم بحيث يؤدي الى الانتشار في بغداد بجميع انحائها، في حين لم تصدر أي جهة حكومية أي تصريح رسمي حول ذلك.إذ أفاد موقع IQAir المتخصص بمراقبة جودة الهواء العالمية بأن العاصمة العراقية بغداد تصدرت قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم.
وبحسب الموقع، الذي اطلعت عليه “العالم الجديد”، فإن “مستويات التلوث في بغداد تجاوزت مدن مثل لاهور في باكستان، القاهرة في مصر، ودلهي في الهند، التي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها”.وفي السياق ذاته، أكد المتنبئ الجوي صادق العطية، في منشور له على “الفيسبوك”، أن “هذا التدهور البيئي في العاصمة يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة، بدءاً بمعالجة الحرق العشوائي للنفايات وإغلاق محطات تجميع النفايات القريبة من العاصمة”.وأضاف: “كما يجب اعتماد استراتيجية جديدة لتوزيع المصانع والورش داخل المدينة ونقلها إلى خارجها، بالإضافة إلى التخلص من السيارات القديمة التي تلوث البيئة”.
من جهة أخرى، أكد مصادر مطلعة”، بأن “الدخان الكثيف الذي غطى سماء بغداد يعود إلى حرق النفايات في موقع معسكر الرشيد السابق جنوبي بغداد، والذي يقع على مسؤولية أمانة بغداد”.إلى ذلك ،أشارت بيانات تتبع جودة الهواء، إلى أن “نسبة مؤشر تلوث الهواء في بغداد منذ الأربعاء الماضي كان في حالة تلوث شديدة، حيث بلغ يوم الأربعاء 196، والخميس بلغ 179، والجمعة 177، لكن هذا المعدل يعد المحصلة النهائية لـ24 ساعة، حيث ان بعض الساعات يرتفع فيها المؤشر الى اكثر من 200 درجة، في الوقت الذي يجب ان يتراوح المؤشر الطبيعي بين 0 و50 درجة”.
اما اليوم السبت، فيعد مؤشر التلوث خطرا وتم تصنيفه بأنه “غير صحي جدًا”، مقارنة بتصنيف “غير صحي” للأيام الثلاثة الماضية.وبلغ مؤشر جودة الهواء في بغداد اليوم السبت 223، حيث بلغ تركيز الجسيمات PM 2.5، بلغ تركيزها في الهواء الان 148 مايكروغرام/متر مكعب، بينما يبلغ المعدل الطبيعي للتركيز 5 مايكروغرام/متر مكعب، أي ان التركيز الحالي للملوثات يبلغ حوالي 30 ضعفا من المعدل الموصى به.
وتوضح البيانات أن “جودة الهواء يوم غد وحتى يوم الجمعة القادم ستكون معتدلة، وتتراوح بين 82 و67، مقارنة بمؤشر تلوث حالي يبلغ 223”.شار إلى أن استنشاق ثاني أكسيد الكبريت يزيد من خطر التّعرّض لمشاكل صحيّة كالسّكتة الدّماغيّة وأمراض القلب والرّبو وسرطان الرّئة والوفاة المبكّرة، كما أنّه يؤدّي إلى صعوبة في التنّفس وخاصّةً للذين يعانون من حالات مزمنة.
ومنذ أشهر تعاني أجواء العاصمة بغداد من انتشار رائحة الكبريت، إلا أنها إزدادت بشكل ملحوض خلال الأسابيع الماضية، مما أثار شكاوى السكان من تأثيره على جودة الهواء وصحتهم، مطالبين الجهات الحكومية بالتدخل العاجل لإيجاد حلول للحد من الانبعاثات الملوثة وتحسين جودة الهواء.وكان مجلس بغداد قد رفع في 23 أيلول سبتمبر الماضي، توصيات بضرورة إخراج معامل الطابوق الى خارج العاصمة بغداد وتكون بمناطق بعيدة جدا عن الاحياء السكنية، كذلك الطلب من وزارتي الصحة والبيئة، بوضع فلاتر وعوامل أخرى تحددها هذه الوزارتين على أصحاب المعامل، لمنع انتشار مثل تلك الروائح، التي فيها مخاطر صحية كبيرة وخطيرة على صحة المواطنين، فهي تسبب الكثير من الأمراض.
ويطرح العراق 23 مليون طن من النفايات يومياً، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث تدفع البلاد ثمنا باهظا لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.يشار إلى أن العديد من المختصين حذروا من تراكمات ولدت التلوث الحاصل في العراق وهي تتعلق بملف شح المياه والتصحر الذي تتمكن الحكومات من طرح حلول واقعية بشكل مقنع لمعالجته، وإلى جانب ذلك تأتي النشاطات العسكرية شمالا وغربا والتي أثرت وتؤثر بشكل مستمر على صحة الإنسان وبيئته.
ووفقا لآخر مسح عالمي أطلقته شركة IQAir السويسرية المختصة بتصنيع أجهزة تنقية الهواء العام 2023، فقد حل العراق بالمرتبة الثانية كأكثر دول العالم تلوثا حيث تدهورت جودة الهواء إلى 80.1 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 ميكروغراما في العام 2021.وبحسب المسح، حلت العاصمة بغداد بالمرتبة 13 بين أكثر المدن تلوثا في العالم حيث تدهورت جودة الهواء إلى 86.7 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 ميكروغراما، كما سجلت مدينة أربيل نسبة تلوث بـ34 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب وهي بذلك تعد بتقييم المتوسط لجودة الهواء فيها.