16 Nov
16Nov

كلما مرت هرزين (32 سنة) أمام مستشفى الحروق في محافظة دهوك بإقليم كردستان، تقف للحظات وهي تطالع قاعات رقود المرضى والممرات الجانبية والباحة الخلفية حيث محرقة النفايات الطبية التي تطلق “أدخنتها السامة” في السماء، قبل أن تغطي أنفها وتمضي وهي تنوء بحسرة فقد والدتها هناك.

تستعيد الفتاة، وهي الإبنة الوحيدة لعائلتها، بينما الدموع تلتمع في عينيها، ذكريات أيامها في المستشفى حين كانت ترافق والديها المصابين بفيروس كورونا قبل أكثر من ثلاث سنوات. تقول بصوت مرتجف: “مع كل صباح ومساء كنت أقوم بغسل ملابسهما وأبحث عن مكان نظيف في الهواء الطلق لتعليقها حتى تجف”.

لم تكن هرزين تملك خيارا، غير حديقة صغيرة تقع خلف ردهة المرضى المليئة بالمصابين بالفيروس، كانت تعتقد انه المكان الأقل انتشارا للفيروسات “القاتلة” التي تطارد الجميع.

تضيف:”كان الوضع في الردهات مرعباً، مصابون من جميع الأعمار يبحثون عن النجاة، بعضهم كان تحت أجهزة الأوكسجين، وآخرون يستخدمون جهاز سي پاپ الذي يحفز الشُعب الهوائية لدفع الأكسجين إلى الرئتين عن طريق الأنف. الوفيات تتوالى ومعها الصرخات، المتنفس الوحيد كانت المساحة الخلفية، لكن هناك كان يكمن مصدر خطر آخر، محرقة قديمة تبث سمومها في الأرجاء”.

تتابع:”كنت أرى المحرقة وهي على بعد بضعة أمتار تقذف أدخنتها السوداء الكثيفة ذي الرائحة الكريهة لتختلط ببالهواء. روائح تسبب ضيق في التنفس، كنت أشعر أنها تحجز الأوكسجين المتاح في الهواء”.

يقع مستشفى الحروق في حي دياري شرقي المدينة، الى جانبه يقع جامع(صلاح الدين) ومعهد الشريعة، وفي الجانب الآخر مقر لحزب سياسي يشهد حركة دائمة، بينما تحيطه عشرات المنازل والمحال التجارية. بعد انتشار فيروس كورونا في محافظة دهوك في العام 2020 تم تخصيصه بنحو مؤقت لعلاج مرضى فايروس كورونا، وهو يضم محرقة متوسطة الحجم تقع في الجانب الخلفي من المستشفى.يقول اختصاصي جراحة التجميل والحروق في المستشفى الدكتور كريم محمد احمد،: “إنها كارثة كبيرة، أن تتواجد المحارق داخل المستشفيات، الدخان المنبعث من احتراق النفايات الطبية من مواد بلاستيكية وغيرها خطير جداً، مثله مثل الجراثيم والفيروسات”.

ويشير الطبيب الى أن الملابس والأغطية المستخدمة في العمليات حتى قبل سنوات كان يتم تعقيمها عن طريق الغسل بالماء “لكن تم استبدال ذلك بالحرق، لأن الغسل كان يتسبب بهدر في المياه ويشكل خطراً على البيئة، لكن الذي يحدث الان أخطر بكثير، فمكونات دخان المحارق يتسبب في أمراض الجهاز التنفسي والحساسية والسرطان”.

مشكلة مخلفات المحارق وما تمثله من تهديد بيئي، قائمة في كل المناطق العراقية ولا تقتصر على اقليم كردستان، فوجودها بتقنياتها القديمة ومواقعها داخل المستشفيات المحاطة بالأحياء السكنية تمثل مشكلة تقتضي الحل لمنع ارتفاع مستويات التلوث في البيئة المحيطة بالمواد الخطرة.

“قضاء الشيخان، من المناطق المتنازع عليها بين حكومتي اربيل وبغداد، ومصيرها معلق بتطبيق المادة 140 الدستورية، وهذا يجعلها محكومة فعليا من قبل إدارتين واحدة تتبع بغداد والأخرى اربيل، كليهما لا تولي الاهتمام المطلوب”.

في قضاء الشيخان(47من شمال الموصل)، ومع الإدارة المزوجة للقضاء من قبل حكومتي (أربيل) و(بغداد)كونه من المناطق المتنازع عليها دستوريا بين الطرفين، تعاني القطاعات الخدمية والصحية من مشكلات كبيرة، فالمستشفيات والمراكز الصحية محدودة الإمكانات ولم تحصل عمليات تطوير وتحديث تواكب تضاعف أعداد السكان خلال العقود الثلاث الاخيرة.

في المستشفى الوحيد في مركز القضاء، كما في عدد من المراكز الصحية، يتم استخدام محارق قديمة تتواجد بمواقع وسط التجمعات السكانية. محارق بتقنيات ملوثة للبيئة، مع تأخر عمليات صيانتها واستخدام وقود منخفض الجودة في عملية الحرق.

الادارة المزدوجة للقضاء، التي انعكست سلبا على البنى التحتية والخدمات المختلفة من تعليمية وبلدية، أثرت على الجانب الصحي أيضا، فمؤسسات ومنشآت القضاء ترجع لقطاعين الأول يتبع مديرية صحة محافظة نينوى والثاني يتبع مديرية صحة محافظة دهوك، والأخيرة وحده تضم 25 مركزا صحيا.

تم بناء مستشفى الشيخان العام في 1997 وتم نصب المحرقة داخل المستشفى في العام التالي، وهي سويدية الصنع من نوع (هوفال) تبلغ طاقتها 10 كيلوغرامات في الساعة فقط. بمعنى انها قديمة الصنع وذات كفاءة وقدرة عمل محدودة صممت لتتوافق مع حاجات المستشفى والسكان في ذلك الوقت.

ويقع المستشفى في وسط المدينة وعلى طريقها الرئيسي المزدحم، حيث تحيطه مجمعات سكنية وأسواق تجارية ومراكز ثقافية وتعليمية وعيادات طبية. لذا يواجه سكان المناطق المحيطة بأكملها مخاطر الانبعاثات التي تصدرها في ظل عملية الحرق غير الكفوءة.

دلكش محمد (25 سنة)وهو خريج معهد يدير متجراً في السوق المجاور، ويعيش في منزل قريب من المستشفى، يقول بنبرة صوت مرتفعة :”ما هو الشيء الذي يحدث هنا بشكل سليم وصحيح حتى يكون هواؤنا نظيفاً”.

يواصل، وهو يفرج عن ابتسامة صغيرة: “نحن نفعل كل ما نستطيع للعيش بصحة جيدة، لكن المكان الذي من المفترض أن يعالجنا يؤذينا ويهدد صحتنا”.

ويتابع معربا عن شكوكه بكفاءة عملية الحرق داخل المستشفى:”يقول مختصون ان حرق هذه النفايات لايتم بكفاءة وعلى نحو كامل، وبحسب ما نعرفه في السوق هنا اذا كان الدخان الخارج من المحرقة ذا لون أسود فان الحرق غير مكتمل او يتم بكفاءة قليلة وربما باستخدام وقود رديء.. للأسف لا أحد يهتم بهذه المسائل، وحياة المواطنين غير مهمة”.مدير صحة الشيخان، كريم كمال علي، يشير الى طبيعة القطاع الصحي في القضاء، مبينا أنه يضم قطاعين، مستشفى الشيخان العام يتبع إدارة محافظة نينوى، أما المراكز الصحية وعددها 25 مركزاً موزعاً على مختلف انحاء القضاء فتتبع المديرية العامة لصحة محافظة دهوك، منها خمسة مراكز رئيسية، وثلاثة مراكز في المخيمات والباقية هي مراكز ثانوية صغيرة.

ويقول ان “هناك ثلاث محارق إجمالاً تتبع صحة دهوك، في مراكز باعدرا وقصروك وكلكجي، وجميعها تقع داخل المركز وتلجأ الى عملية الحرق للتخلص من النفايات الطبية وبشكل يومي”.

يقول المساعد الطبي فراس محمد صالح، الذي يدير المركز الصحي في قصروك، معلقا على نوعية النفايات الطبية التي يتم حرقها في المركز:”جميع أنواع الحقن واللقاحات والإبر والأدوات الجراحية الصغيرة والمعدات المستخدمة للتعامل مع المرضى وما يستخدمه الأطباء، تحرق وفق توقيت محدد ومن قبل كادر خاص”.

ويضيف: “كل يوم عند الساعة الثانية بعد الظهر، وعندما ننتهي من العمل ويعود اغلبية السكان إلى منازلهم لتناول طعام الغداء، يبدأ موظف المحرقة بعمله، لتقليل من أي أثر لعملية الحرق على الناس”، مبينا أن “المحرقة يبلغ ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار لضمان تصاعد الدخان إلى السماء”.

لكنه يعود ليُذكر بموقع المركز الواقع وسط المدينة: “هو محاط بالأسواق ورياض أطفال أهلية وهنالك محلات تجارية تقع على مسافة 20 متراً، بينما لا تبعد منازل السكان غير 50 مترا”. في اشارة الى احتمال تعرض السكان للأدخنة وتأثرهم بها.

اسلام موسى عتو(35 سنة)وهو الموظف المسؤول عن حرق النفايات في مركز قصروك الصحي، والذي يؤدي ذات العمل منذ عشر سنوات، يقول: “لم أتلق أي تدريب خاص حول هذه الوظيفة، إلا عند نصب المحرقة قبل ثلاث سنوات حين تم تجديد المركز، أعطاني المهندس بعض المعلومات عن كيفية تشغيلها”.

يضيف اسلام، الذي لم يكمل تعليمه ودرس حتى الصف السادس الابتدائي:”هذه المحرقة جعلت عملي أسهل وأفضل بكثير مما كان عليه الوضع قبل نصبها، كنت أحرق النفايات في برميل أو أحفر التربة وأشعل النار في النفايات، في بعض الأحيان كانت بعض العلب تنفجر أثناء الحرق، وكان العمل صعبا، لكنني الآن أحرق كيسا أسودا كبيرا مملوءة بالنفايات الطبية في المحرقة ولمدة نصف ساعة يومياً”.

ويقول اسلام، بأنه لا يشعر أثناء العمل بأي مشكلة صحية: “لا أجد بانها تسبب ازعاجاً، لكني لا أعرف اذا ما كانت ستؤثر على صحتي مستقبلاً أم لا”.
منذ نحو شهر، يقوم اسلام، باستخدام الوسائل السابقة في حرق النفايات والمخلفات الطبية في برميل فارغ لأن المحرقة لم تعد تعمل بسبب عطل في المحرك الأوتوماتيكي.

في ناحية باعدره، القريبة من مركز قضاء الشيخان، حيث توجد في مركزها الصحي محرقة صغيرة، لا يخفي مدير المركز الصحي دلحق جانگیر، شكوى السكان القريبين من المركز وبنحو مستمر من الأدخنة وروائح المواد الطبية التي يتم حرقها، ويذكر بأن الناس هناك يعانون من هذه المشكلة، لكنهم: “لا يملكون حلا لمعالجتها” يضيف مؤكداً.ماذا تعني الإنبعاثات السوداء؟
يتفق المختصون والنشطاء البيئيون الذين تم التواصل معهم، على الخطر الذي تشكله أدخنة المحارق القديمة محدودة الكفاءة، على صحة الانسان وعلى البيئة بنحو عام، كونها أحد مصادر التلوث، وبعضهم يرى بأن الخطر الأكبر يكمن في الدخان الأسود الذي تصدره بعض المحارق.

البروفيسور الدكتور صلاح نعمان أميدي، استشاري قسم الكيمياء في جامعة زاخو، يؤشر وجود مشكلة عندما يكون الدخان المتصاعد من محارق المستشفيات ذو لون أسود، قائلا :”ذلك يحدث بسبب عدم استخدام الكهرباء وتأمين الطاقة الضرورية لحرق النفايات الطبية، من المفترض ألا يخرج دخان، فإذا ظهر فهذا يعني أن الحرق غير مكتمل ويجب معالجته”.

ويضيف:”كل عملية حرق صحيحة، يجب ان تجري في ما بين 1200 إلى 1300 درجة مئوية، ويفترض أن تكون شعلة النار زرقاء اللون وأن لا تصدر دخاناً، إذ تنبعث مادتان رئيسيتان غير مرئيتان، هما ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء”.

ويتابع:”إلا أن هذه المحارق تستخدم وقود الديزل والنفط الأسود، لذا لا تتم عملية الحرق والمعالجة بشكل كامل وصحيح، وبالتالي ينبعث منها دخان أسود يتضمن موادا وغازات مضرة مثل أول أكسيد الكربون الذي يمكن أن يسبب تجلطات الدم وبالتالي الوفاة أو تلف الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، والتي تنتج عن جميع عمليات الاحتراق لكن لا يتم رؤيتهما”.

تواصلنا لعدة مرات مع مدير عام صحة محافظة دهوك للاجابة على أسئلتنا بشأن نوعية المواد والوقود المستخدم في محارق مستشفيات دهوك لحرق النفايات الطبية، وما إذا كانت العملية تخضع لمتطلبات وإرشادات حماية البيئة، دون ان نحصل على رد.

غير أن رئيس قسم ضمان الجودة ومكافحة العدوى، بمديرية صحة محافظة دهوك عائد مراد قاسم،. قال بأن “المحارق الموجودة في مركز دهوك تعمل بكلا نظامي الديزل والكهرباء، وأن ظهور الدخان الأسود فوق أنابيب المحارق يَرجِع الى قدمها، فمحرقة مستشفى آزادي وهو المستشفى الأكبر في دهوك يعود تاريخها إلى ثمانينيات القرن الماضي، وأحياناً يتمثل السبب في عدم توفر الكهرباء الوطنية فتعمل المولدات الصغيرة …. وهذا يحدث الدخان الأسود”.

وبشأن ما إذا كانت عملية الحرق تتم وفق المتطلبات البيئية، اكتفى بالقول ان “الاحتراق يمر عبر شعلتين، الأولى لحرق النفايات، والثانية لمعالجة الدخان الناتج عن الاحتراق”.

يرى الناشط البيئي بختيار زيباري، ان الدخان الأسود الذي يخرج من محارق المستشفيات “يؤثر على صحة ونفسية المرضى وزوار المستشفى، كما يشكل ايضا تهديداً للبيئة ماثلا أمام الأعين”، مبينا أن هذه المشكلة لا تقتصر على محافظة دهوك وإقليم كردستان فقط أنما تشغل الكثير من دول العالم التي تبحث عن إيجاد حلول أخرى. ثم يستدرك :”لكن الكارثة التي هنا بالتأكيد أكبر”.

ويتحدث عن العديد من المعالجات الحديثة التي يتم بحثها حاليا والتي تعد ضرورية لسلامة البيئة، أولها إبعاد هذه المحارق عن المستشفيات، ووضعها في مناطق بعيدة عن المدن والتجمعات السكنية.

ويضيف:”كما يتم بحث استخدام مواد بلاستيكية يمكن إعادة تدويرها، أو دفنها مثلا في بئر عميق يصل إلى 700 متر بشرط أن لا يتسرب منه الماء ولا يؤثر على التربة والماء والهواء، أو صنع صناديق خاصة من الحديد والمعادن الصلبة الأخرى التي يمكنها تحمل الضغط، وتكديس تلك المواد باسلوب الضغط لتصبح باحجام صغيرة، ويؤيد باحثون تنفيذ هذه الافكار للتخلص الآمن من النفايات الخطرة.
(س .م) هي ممرضة في مستشفى الشيخان العام، فضلت عدم ذكر اسمها بنحو صريح، تقول انها وزملائها اعتادوا على الدخان الأسود الذي تطلقه المحارق في الهواء، وانهم يعلمون حجم الخطر الذي يشكله “لكن ليس لدينا حل”.
تواصل الممرضة حديثها: “اعتدنا عليه بالفعل.. عندما اكون في العمل كل يوم أرى هذا الدخان الأسود وأعده أمراً طبيعياً، لكني أحياناً أقف وأتساءل، ماذا سيفعل هذا الدخان الأسود بأجسامنا ورئتينا خلال سنوات قليلة القادمة”.
تضيف :”الأسوأ من هذا كله هو اننا نعمل في القطاع الصحي للاعتناء بصحة الناس، لكننا غارقون في الدخان والغازات الضارة”. تكرر مجددا: “ليس لدينا حل، يجب على الجهات المسؤولة أخذ المشكلة على محمل الجد والعمل على حلها”.ماذا تقول الجهات المعنية؟
على الرغم من استمرار آلية الحرق المعتادة واستخدام ذات المحارق القديمة في العديد من مستشفيات دهوك، لكن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور سركار وحيد الدين سورجي، يقدم معلومات مختلفة بشأن عمل المحارق، يشير فيها الى معالجة المشكلة.

يقول سورجي:”الآن لم تعد مشكلة انبعاث الدخان وتلوث البيئة في المستشفيات التي توجد فيها محارق، قائمة، وذلك بعد التنسيق بين وزارة الصحة وهيئة حماية البيئة، إذ تم نصب وتشغيل مصفي ولكل منها جهاز خاص يسمى (autoclave shreder) يقوم بالتخلص من النفايات الطبية”.

ويؤكد سروجي “توفير 32 من هذه الأجهزة من قبل منظمة (UNDP) وإرسالها إلى إقليم كردستان وتوزيعها على المحافظات”.
للتحقق من تلك المعلومات، قمنا بمتابعة العديد من محارق مستشفيات دهوك ووجدنا انها مازالت تعمل وفق الآليات القديمة. حاولنا التواصل مجددا ولعدة مرات مع المتحدث باسم الصحة للتعليق على ذلك، لكن لم تكن هناك اجابة.

يقدم الأستاذ المساعد بقسم الأحياء الدقيقة البيئية في جامعة دهوك مصطفى أسماعيل عمر، توصيات لمعالجة مشكلة المحارق الملوثة للبيئة والمهددة للصحة العامة، ويشدد على أهمية التعامل السليم مع آلية تشغيلها.

يقول متحدثا عن نوعية المحارق الأقل تأثيرا على البيئة: “تلك التي تقوم بخلط الهواء اثناء تشغيلها هي الأفضل للبيئة، وهذه يجب تشغيلها وفقاً لإرشادات معينة”.

ويتابع:”يجب ضغط الهواء بشكل صحيح لمنع خروج الدخان، وان تكون قدرتها على العمل كبيرة الى الحد الذي تستطيع فيه حرق خمسين كيلوغراما من النفايات خلال ساعة واحدة فقط، ومن المهم عدم حرق جميع النفايات معاً دفعة واحدة بل إضافة 15% الى 20% من النفايات كل مرة لتحترق بشكل صحيح”.
ويتابع:”الأهم من كل ذلك هو تركيب بعض الأجهزة بدلاً من المداخن لمنع الغازات الملوثة sox (اكسيدات الكبريت) و NOX(اكاسيد النيتروجين) والديوكسين، والفريون (يؤثر بنحو خطير على البيئة)، من أن تختلط بالهواء كونها من مسببات الأمراض السرطانية”.
تؤكد الدراسات والمسوحات الدورية التي يجريها باحثون ومنظمات مختصة، ان هناك تلوثا بيئيا متزايدا في مدن الاقليم، وبشكل خاص في دهوك، بسبب ازدياد عوامل التلوث البيئي كالمصافي غير المرخصة والمعامل والنشاطات التي لا تلتزم بالمعايير البيئية، فضلا عن آلاف المولدات الكهربائية التي تعمل داخل الأحياء السكنية، ما تشكل خطرا متزايدا على الصحة العامة أحد مؤشراته تكمن في زيادة مستمرة بعدد الاصابات السرطانية.وكان نشطاء بيئيون قد نشروا مطلع تشرين الثاني اكتوبر، خريطة تظهر ارتفاعا كبيرا للتلوث في دهوك. جاء ذلك في وقت كشفت وزارة الصحة في حكومة إقليم كردستان عن تسجيل 9911 حالة إصابةٍ بالسرطان خلال العام 2023، مرتفعة عن 9610 في العام 2022، وعن 7904 في العام 2021، بينما كان قد سجلت 6293 حالة في العام 2020.

احمد حسن، الذي يجاور منزله، مصدرين ملوثين يهددان حياة أسرته كما يقول: “في الجوار على بعد 80 مترا هناك مولدة أهلية تعمل لأكثر من 12 ساعة يومياً، وخلف المنزل هناك محرقة لنفايات طبية تبث سمومها وتملأ روائحها الأجواء”.

يبتسم وهو يشير من بعيد الى مصدر تلوث ثالث هو مجرى مائي تصب فيه مياه المجاري دون معالجة، قبل أن يضيف بصوت حاد: “كيف سننجو من كل ذلك، لا نعرف؟”.أنجز التحقيق بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية ضمن مشروع “الصحافة

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة