16 Oct
16Oct

في أكتوبر من كل عام، يتجدد الأمل في هزيمة وحش ينام تحت الجلد طويلًا ليستقيظ فجأة فيخطف من المرأة أنوثتها، تمهيدًا لقطف روحها وكأنه هيكل عظمي يحمل في يده المنجل ويحصد بها رقاب النساء. 
تحول "أكتوبر الوردي" إلى مصطلح رقيق يفيض نُبلًا وإنسانية على إثر تحول هذا الشهر إلى مناسبة عالمية للتوعية بخطورة  وطرق الوقاية منه والبحث عن وسائل غير تقليدية لمحاصرته والتقليل من ضرباته القاتلة، لكن هناك في المقابل مَن يحذر من شبهة "استغلال مادي" تطل برأسها بين الحين والآخر. 
ورغم جمال اللون الوردي ومعرفة الجميع بما يحمله من رمز أنثوي خاص، فإنه حين يقترن بهذا الشهر تحديدًا، نصبح على موعد مع مفارقة تنقسم إلى حزن في شقها الأول وحافز للمقاومة في شقها الثاني. 
والأرقام والإحصائيات التي تسوقها منظمة الصحة العالمية لا تبعث، مع ذلك، إلا على القلق الشديد، إذ إن "معدلات سرطان الثدي تزداد بشكل أكبر مع زيادة العمر، ويتم تشخيص امرأة واحدة من كل 12 امرأة بهذا المرض وتموت واحدة من كل 71 امرأة بسببه".
وحصد عام 2022 رقمًا مفزعًا، إذ اتضح أن 11.6% من جميع حالات السرطان التي تم تشخيصها  حول العالم هي سرطان الثدي لدى النساء؛ ما يجعل هذا الداء اللعين ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعًا في جميع أنحاء العالم.
ويعود اقتران أكتوبر بمكافحة سرطان الثدي إلى أنه الشهر الذي شهد انطلاق أول حملة كبرى للتوعية بمخاطر المرض وطرق اكتشافه في الولايات المتحدة عام 1985 برعاية السيدة الأمريكية الأولى آنذاك بيتي فور، زوجة الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، والتي أصيبت بالمرض ثم تعافت منه لكنها قررت أن توظّف شهرتها في التعريف به. 

وفي أوائل التسعينيات، قررت أمريكية أخرى تدعى شارلوت هالي، أن تتضامن بشكل عملي مع نساء في عائلتها مصابات بالمرض، فوزعت آلاف البطاقات المغلفة بشرائط بلون زهري طلبًا للتبرعات.وبينما كانت شرائط شارلي يدوية باللون الوردي الخوخي المائل للبرتقالي الزهري، تبنت إحدى المجلات الحملة لكن بعد اعتماد شرائط اللون الوردي بدرجتها الحالية. وفي المقابل، تطل شبهة الاستغلال المادي بوجهها القبيح حيث يؤكد بعض النشطاء أن الإلحاح على إجراء التصوير الإشعاعي للثدي كحل للوقاية من سرطان الثدي، دون مناقشة الخيارات الأخرى، ما هو إلا مساع وحملات ربحية تجنى من ورائها شركات بعينها أرباحًا هائلة.

كما ينتقد هؤلاء ما يعتبرونه "التسويق المفرط للمنتجات الوردية" خلال شهر أكتوبر، فيما يُعرف بـ "الضريبة الوردية"، والتي يرونها تستهدف تحقيق مكاسب مادية في المقام الأول.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة