في مدينة مطماطة التونسية الواقعة جنوب البلاد لجأ السكان قبل عقود إلى تشييد بيوت تحت الأرض من أجل التكيف مع التغيرات المناخية حيث يقي التراب هؤلاء السكان من حر الصيف وبرد الشتاء.وتمثل هذه المساكن التي يطلق عليها تسمية "الحوش" باللهجة المحلية، موطنا لمجتمع القبائل الأمازيغية الموجودة حتى اليوم في الجنوب التونسي على بعد نحو 450 كيلومترا عن العاصمة في الشمال، قبل دخول العرب المسلمين القادمين من الشرق في القرن السابع ميلادي.ومنذ أحداث 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ظهرت نخبة من أقلية الأمازيغ في تونس للمطالبة بحقوق أوسع على غرار إدراج اللغة في المناهج التربوية. وتفاخر تونس باحتوائها على تنوع ثقافي لافت يظهر في العادات والطبخ والمعمار، وتمثل بيوت مطماطة القديمة في جوف الحفر علامة فارقة لهذا التنوع في جنوب البلاد.وتضم الحفر فناء دائريا تحيط به كهوف صخرية يستخدم بعضها كغرف للنوم أو مكان لتخزين الحبوب والغذاء، وتربط بين الغرف ممرات ضيفة وأنفاق وسط الصخور. وقد تم نحت هذه البيوت من قبل السكان القدامى الذين استمدوا هندستها من حاجاتهم اليومية.ويتألف البيت الأمازيغي في مطماطة من طابقين، واحد علوي يخصص لتخزين المؤن، وآخر سفلي للإقامة والسكن، ويضم المطبخ والحمام وغرف النوم وغرفة الجلوس.
ويكون الدخول إلى البيوت إما بدرج من الأعلى أو بسلالم من الأسفل.وقال حسام وهو أحد ساكني هذه البيوت إنها "جيدة على مستوى التكيف مع قسوة المناخ، فنحن هنا لا نتأثر بالحرارة التي ترتفع بشكل كبير في الصيف ولا بالبرد الذي يشهده فصل الشتاء".وتابع في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "مطماطة اكتسبت شهرة عالمية خاصة بعد تصوير فيلم حرب نجوم بالقرب منها، ومع ذلك نحن نسعى إلى مزيد التعريف بها وبمميزاتها خاصة الأمازيغية منها".وهناك حوالي 650 منزلا محفورا في الجبال في مطماطة وغيرها من القرى الأمازيغية في تونس وهي قرى تحافظ على ميزاتها.
وقال الناشط الأمازيغي أحمد النفزي إن "هناك عودة قوية من التونسيين لسبر أغوار الثقافة الأمازيغية وهي ثقافة أجدادنا في الواقع، ومع ذلك ما زالت السلطات التي تعاقبت على حكم البلاد تتجاهل الاعتراف باللغة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية وهو أمر يثير حفيظتنا".وأضاف النفزي في تصريح لـ "إرم نيوز" "رغم ذلك سنواصل كنشطاء أو منظمات تعنى بالأمازيغية العمل على دفع السلطات على الاعتراف بالأمازيغية خاصة أن بلدنا لطالما تفاخر بتنوعه الثقافي".وأكد أن "الحوش الأمازيغي في المقابل سيواصل التماسك والصمود خاصة أن طريقة تشييده ومكونات جدرانه الصلبة تجعله قادرا على التكيف مع أي مناخ ناهيك عن جذبه للسياح سواء شتاء أو صيفا".