احتفل ابناء طائفة الصابئة المندائيين في ذي قار بعيد (الدهفة حنينا)، الذي يعد واحدا من اهم الأعياد الدينية الأربعة عند الطائفة المندائية، اذ يحتفي المندائيون بازدهار الأرض وتقييد عالم الشر وعودة الملاك (هيبل زيوا) من عالم الظلام إلى عوالم الأنوار في هذا اليوم المبارك.
وتقام في هذه المناسبة طقوس التعميد واقامة الصلوات وعمل الثوابات (اللوفاني) على ارواح المتوفين فضلا عن مأدبة افطار جماعية لأبناء الطائفة وضيوفهم في مركز عبادة الصابئة المندائيين (المندي)، اذ تُقدم وجبة من التراث المندائي قوامها الرز واللبن (الروبة) والتمر والبيض والسمن الحيواني (الدهن الحر) وهذه الوجبة الصباحية هي جزء من الفولكلور والتراث العراقي القديم ولا تدخل ضمن الطقوس الدينية للطائفة.
وفي حديثه عن عيد الدهفة حنينا يقول ممثل طائفة الصائبة المندائيين في ذي قار، الدكتور سامر نعيم إن "ابناء طائفة الصابئة المندائيين يحتفلون بعيد الدهفة حنينا الذي يعد احتفالا بازدهار الارض بعد تطهيرها وتقييد قوى الشر على يد الملاك (هيبل زيوا) مبارك اسمه"، مبينا ان " تطهير الارض وازدهارها بالنباتات هو ما جعلها ممهدة وصالحة لخلق ادم، بحسب الاعتقاد المندائي".
مبينا ان "العشرات من المندائيين اخذوا يتوافدون على المندي لاقامة الطقوس الدينية في هذه المناسبة ولاسيما طقوس التعميد وعمل الثوابات (اللوفاني) على ارواح المتوفين".
مشيرا الى ان "الاحتفاء بعيد الدهفة يتميز بمأدبة افطار جماعية يقيمها المندائيون في صباح يوم العيد وتتكون مفرداتها مما هو نباتي او من مصدر حيواني كاللبن والدهن الحر والبيض والرز المطبوخ"، منوها الى ان "اختيار هذه المفردات الغذائية جاء لتوفرها في البيئة العراقية في السابق والحاضر وهي على العموم جزء من تراث وفولكلور المطبخ العراقي".
ويبين نعيم ان "المأدبة كانت تستمر في السابق على مدى الايام الثلاثة التي يحتفي فيها المندائيون بعيد الدهفة حنينا الا انها اقتصرت في الوقت الحاضر على اليوم الاول من العيد"، عازيا ذلك التغيير الى تأثير الحياة المعاصرة.
وأشار ممثل الصائبة المندائيين إلى أن "المندائيين حريصون على التأقلم مع محيطهم الاجتماعي مثلما هم حريصون على التمسك بتراثهم الديني والاجتماعي وطقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم القديمة التي ورثوا مبادئها من أسلافهم"، مشددا على "اهمية اشاعة روح التسامح والألفة وتقوية الأواصر الاجتماعية مع الطوائف الأخرى التي يحرص الكثير من اتباعها على مشاركة المندائيين أعيادهم ومناسباتهم الدينية والاجتماعية".
ويحتل الاحتفاء بالدهفة حنينا الذي يستمر ليوم واحد بحسب التعاليم الدينية وثلاثة ايام بحسب الطقوس الاجتماعية، موقعاً خاصاً في نفوس المندائيين سواء من الناحية الدينية او الاجتماعية حيث يعد فرصة للتواصل الاجتماعي وزيارة العوائل المتعففة من ابناء الطائفة وتقديم الدعم المادي والاغذية المختلفة، كما يحرص المندائيون في مثل هذه المناسبة على تقديم التعازي للأسر التي فقدت أحد افرادها في الايام التي سبقت العيد.
وتبدأ الاستعدادات (للدهفة حنينا) منذ ساعات الفجر الاولى اذ يؤدي المندائيون الصلاة وقراءة الادعية والتراتيل الدينية ولا سيما دعاء الرحمة (نياني رهمي) كما يقومون بالإعداد والتحضير لمأدبة جماعية في المندي يقدمونها كوجبة فطور بعد شروق الشمس. كما يتهيؤون لطقوس التعميد التي تعتبر طقسا دينيا رئيسا لتطهير النفس والجسد.
وفي يوم (الدهفة حنينا) يأخذ الصابئة المندائيون ومنذ ساعات الصباح الاولى بالتوافد على مركز عبادتهم (المندي) وهم يرتدون ملابسهم الدينية البيضاء (الرسته) التي تتكون من خمس قطع هي (الكسويا – القميص) و(الشروال - السروال) و(البرزنقا- العمامة) و(النصيفة - الوشاح) و(الهميانة – الحزام) وهذه الأخيرة عبارة عن حزام من الصوف يتكون من 61 خيطا وهو أقدس جزء في الرسته.
ويؤدي الصابئة المندائيون طقوس التعميد (الارتماس في الماء) في المناسبات الدينية وايام الاحاد فقط وبحضور رجل دين بدرجة (ترميذة) على اقل تقدير. كما يعتبر يوم الاحد من أقدس الايام في الديانة المندائية فهو يوم تكوين الخليقة وهو اول ايام الاسبوع المندائي.