يعيش سكان قرية نائية في المغرب ضمن حالة من الصمت المطبق، ليس باختيارهم بل هذا ما وجدوا أنفسهم عليه، حيث فقدوا ويفقدون حاسة السمع هناك دون سبب واضح.ويعاني معظم سكان قرية "بني مَعْلا" بنواحي "تاوريرت" من الصمم، لتحمل القرية في صمتها حكاية مثقلة بالألم والتحدي، حيث تغيب ضوضاء الحياة، ويبقى التواصل معتمداً على العيون والإشارات.
"لعنة بلا خيارات"
يقول المسن مسعود وهو أحد أبناء القرية: "نحن ضائعون هنا، على بُعد 73 كيلومترًا من تاوريرت، تحيط بنا الجبال، قليل منا يسمع".ويضيف: "الصمم يجعل الحياة أصعب وشكوانا لا تصل إلى أحد"، وفق ما نقله عنه موقع "هسبريس" المغربي.ويكمل حديثه قائلاً: "أنا أصم، زوجتي لا تسمع، و5 من أطفالي كذلك.. هذا الصمم جاءنا من عند الله، لا حيلة لنا فيه"، وفق تعبيره.ويتابع: "هناك من لا يتحدث وهناك من يعاني من الاثنين.. في بعض البيوت تجد 5 أو 6 أشخاص كلهم فاقدون للسمع، وكأنها لعنة حلت على آذاننا".واستطرد قائلاً: "كثيرون غادروا، تركوا منازلهم بحثاً عن حياة أفضل، ولم يبق هنا إلا من لا يملك خيار الرحيل"، على حد تعبيره.
فقدان تدريجي
ولا تختلف حالة مسعود عن أوضاع غالبية سكان "بني معلا"، فحتّى الذين يولدون بحاسة السمع، لا تلبث آذانهم أن تفقد ميزتها، دون معرفة الأسباب.يقول يحيى وهو من أبناء القرية: "فقدت سمعي منذ حوالي 20 عاماً، لم يحدث ذلك فجأة؛ بل كان تدريجياً، حتى أصبحت لا أسمع شيئاً أبداً.. أسمع أصوات الناس عندما يتحدثون، لكني لا أفهم ما يقولونه، كأنها كلمات بلا معنى".ويضيف: "المشكلة ليست لديّ فقط، هناك أطفال صغار يولدون ويفقدون السمع تدريجياً، تماماً كما حدث معنا ومع أجدادنا.. كل جيل يعاني من المصير نفسه.. الجميع يعاني من الصمم.. لا نعرف إن كان هذا قضاء وقدراً، أم أن هناك سببًا في دمائنا، أم أن هناك شيئاً آخر لا نعلمه".
تساؤلات واحتمالات
وينضم رشيد اليازيدي لسابقيه بشرح معاناته قائلاً: "ولدت هنا، ومع بداية إدراكي وجدت أن الناس من حولي كلهم يعانون من الصمم، من الجدود إلى الأجيال الجديدة.. هذا الأمر يتكرر مع كل جيل، وكأن هناك شيئاً يجعلنا نفقد سمعنا مع مرور الوقت".ويكمل حديثه قائلاً: "البعض يقول إن السبب هو أن الناس هنا يتزاوجون فيما بينهم، ولا يجلبون زوجات من الخارج.. آخرون يعتقدون أن المشكلة قد تكون في الماء الذي نشربه".وختم قائلاً: "لكن في الحقيقة، لا أحد يعرف السبب الحقيقي، هل هو راجع لخلل وراثي، أم بسبب البيئة، أم هو مجرد قضاء وقدر".