04 Nov
04Nov

يبدي أحمد، الطالب في المرحلة الإعدادية، غضبه من صعوبة مادة النحو العربي، متسائلًا: "ماذا تفيدني في هذا العصر؟".


وفي معرض الرد على تساؤل أحمد، لا بد من الإشارة إلى أهمية اللغات الأم عند شعوب العالم، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى تخصيص يوم 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام للاحتفاء باللغة العربية، لأنها من أقدم اللغات وأعرقها. 


والأمر لا يختلف كثيرًا عند منى، الطالبة في المرحلة الإعدادية أيضًا، والتي تصفنا بالعيش في الماضي في معرض إجابتها على سؤال عن تاريخ الاستقلال، أو متى سقطت بغداد على يد هولاكو؟ وبدأ ما يُعرف بعصر الانحطاط.


منى، التي تطمح لدراسة هندسة الكمبيوتر، ترى أن هذه المعلومات ستأخذ مساحة من "كرت الذاكرة" في دماغها، بالمجان!


وتبدو العلاقة الملتبسة مع التراث، مرتبطة بسنوات الطفولة الأولى، حيث تولت وسائل الاتصال والمربيات الأجنبيات رعاية الأبناء، أكثر من الوالدين المشغولين طيلة النهار بالعمل.


يقول الأستاذ علي، معلم  في إحدى المدارس الخاصة، إنه تفاجأ عند دخول القاعة، بأن الطلاب العرب يتحدثون مع بعضهم باللغة الإنجليزية، ولا يعرفون أنهم عرب من دول متعددة.


ويضيف الأستاذ علي، لـ"إرم نيوز"، أنه بدأ يعلم طلابه اللغة العربية، "وطلبت منهم استخدامها في الحديث، وشرحت لهم الروابط التي تجمعهم، وبعد فترة جاء الأهالي يشكروني على التغير الكبير الذي لاحظوه على أبنائهم".
ويتساءل الأستاذ علي: كيف سيتواصل الطالب مع تراثه إذا كان لا يتقن لغته الأم، ولا يعرف هويته العربية أصلاً؟

من جانبها، تُعيد الأخصائية الاجتماعية، أليسار فندي، علاقة الأجيال الملتبسة مع التراث، إلى التطور المتسارع في العصر، وعدم مشاركة العرب فيه.وتقول أليسار، لـ"إرم نيوز"، إن "المشكلة ليست في التأثر بثقافات العالم، بل في القطيعة مع التراث، وهذا يعود إلى أسلوب تربية الطفل العربي، ومناهج التعليم، وعدم وجود مشروع ثقافي تربوي عربي يعتني بهذه القضية".

وفي مدينة حلب السورية، لجأت مديرية ثقافة الطفل إلى اتباع أسلوب الحكواتي، من أجل الحديث عن التراث للأطفال.وبهذا الصدد، تقول مدير ثقافة الطفل، أحلام استانبولي، لقد "اكتشفنا أن الحديث عن التراث على شكل قصة، يشدّ الأطفال ويجعلهم يحفظون المعلومات بشكل أكبر، لهذا استحضرنا شخصية الحكواتي الذي يقدم المعلومات عبر حكاية شيقة".وترى استانبولي، في حديث  أن الابتكار في الأساليب التربوية أمر ضروري في هذا العصر الذي قلّت فيه قراءة الكتب، وسيطرت صفحات السوشيال ميديا عليه.وتضيف: "اكتشفنا أن طقوس الاستماع للحكواتي ومشاركة الأطفال في سرد القصة بعد سماعها، إلى جانب استخدام الرسم في تصوير التراث، يرسخ المعلومات في ذهن الطفل".وتقترح الباحثة أليسار أن تلجأ وزارات الثقافة العربية، إلى الاعتماد على السوشيال ميديا وتقنيات الفيديو، كأسلوب تربوي في التربية.

وتضيف: "مادام الأطفال واليافعين، متعلقين بالسوشيال ميديا، فلماذا لا نعتمد تلك الصفحات كأسلوب لتقوية علاقة الأجيال بالتراث؟".كما تقترح إعلان جوائز مخصصة للأطفال في مجال إحياء التراث، مثلما هو الحال بالنسبة لباقي الفئات العمرية.وتقول مديرة الثقافة بحلب، إن النقطة الجوهرية التي يجب إيصالها للأطفال واليافعين، هي أن عنايتنا بالتراث، تأتي بهدف الإضافة عليه إبداعيًا، وليس باعتباره نهاية للتطور التاريخ

.ويبدو التأسيس لعلاقة صحيحة مع التراث، منذ سنوات الطفولة الأولى، مسؤولية مؤسساتية تتحملها وزارات الثقافة والتربية.وتؤكد الباحثة أليسار أن "إهمال التراث عند أطفال اليوم، سنحصد نتائجه الكارثية عندما يكبرون".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة